منذ عام 1916 بدأ التفكير في إنشاء مشروع هندسي عملاق في مصر لتوليد الكهرباء وتوليد الطاقة الكهرومائية، ووقع الاختيار على منطقة منخفض القطارة، وذلك على يد أستاذ الجغرافيا البروفيسور “هانز بنك”، ولكن لم يتم تنفيذه.
ولم يقتصر التفكير في إنشاء هذا المشروع على “هانز بنك” فقط، بل تبعه العديد من الأشخاص الذين حاولوا تنفيذ المشروع، ولكن لم يلق المشروع اهتمامًا كافيًا، حتى أقر الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2014 بتنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع.
ويرجع السبب في اختيار منخفض القطارة بالتحديد، أنه يشمل شق مجرى مائي بطول 75 كيلومترًا، تندفع فيه مياه البحر المتوسط، وذلك لأنه عبارة عن منطقة صحراوية شاسعة غير مأهولة، يبلغ متوسط عمقها 60 مترًا تحت مستوى سطح البحر، حيث يمكن إدخال مياه البحر المتوسط إلى منخفض القطارة من خلال ربطهما عن طريق أنفاق أو قنوات إلى المنطقة.
وتتبخر تلك المياه المتدفقة بسرعة بسبب المناخ الصحراوي، وبهذه الطريقة يمكن إنشاء تدفق مستمر للماء، إذا تم موازنة التدفق الداخل والتبخر، مما يمكن من توليد الطاقة الكهرومائية.
مكاسب مشروع منخفض القطارة
ويأتي هذا المشروع كخطوة من الخطوات التي يمكن تنفيذها ضمن مشروع التنمية والتعمير الذي طرحه فاروق الباز منذ أكثر من ٤٥ عامًا، حيث كان مشروع التنمية والتعمير يهدف إلى اكتشاف المناطق الصحراوية وتعميرها والاستفادة منها عن طريق شق ممرات على طول البحر المتوسط، وهو ما يمكن تطبيقه على منطقة منخفض القطارة.
وسينتج عن هذا المشروع مكاسب كثيرة، منها الاستفادة من المطر الناتج عن البخار في زراعة آلاف الأفدنة وإمكانية إنتاج كميات هائلة من الملح والأسماك، مما يؤدي إلى وجود حياة في تلك المنطقة وتعميرها.
كما أن منطقة منخفض القطارة تعد من أكثر الأماكن قدرة على استيعاب الزيادة السكانية، مما سيؤدي إلى تقليل التكدس السكاني في وادي النيل وانتقال شريحة كبيرة من سكان وادي النيل إلى منطقة منخفض القطارة، وهو ما كان يهدف إليه مشروع ممر التنمية والتعمير.
كما سينتج عن تنفيذه ميناء يخفف الضغط على ميناء الإسكندرية، ويمكن من خلاله إنشاء المشروعات والمنشآت السياحية على شواطئ المنخفض.
بالإضافة إلى ذلك، سيقوم المشروع بإنتاج مياه جوفية صالحة للشرب والري والاستخدامات الصناعية، مما يؤدي إلى زيادة المياه العذبة وتجنب المشاكل مع دول حوض النيل، وسيساعد هذا المشروع على التوسع في السياحة العلاجية والسفاري، مما سيوفر العملة الصعبة.
معوقات المشروع
ولكن هناك عدة أسباب أدت إلى توقف المشروع، منها تكلفته العالية التي بلغت ١٤ مليار دولار، وهناك أيضًا أسباب بيئية، منها أن المشروع سيتسبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية وزيادة عمليات الرشح التي قد تؤثر على البنية التحتية، فضلاً عن التأثير السلبي على الحيوانات.
وفي النهاية، هل سينجح تنفيذ مشروع منخفض القطارة؟ الذي تعتبره الدولة من أضخم المشروعات التنموية والتي كانت تهتم بتنفيذها منذ العشر سنوات الماضية، لما له من أهمية كبيرة على اقتصاد الدولة، وأيضًا تنمية الصحراء الغربية وإقامة ممر التنمية والتعمير الذي من المتوقع أن يوفر في المستقبل فرص عمل كبيرة ويسهم في إقامة حياة جديدة في هذه المنطقة.