كتبت ندى سيف- نورهان عادل
يمثل الفريلانس الجانب المستقل من الوظيفة، فلا يكون الفرد تابعًا لشركة تعطيه راتبا شهريا بدوام جزئي أو كلي، وإنما يكون الفريلانسر مستقلًا في تأدية عمله، فهو يقدم خدمات لعملاء مختلفين في تخصص مهني معين، وله حرية تحديد مكان ووقت وسعر عمله، من خلال منصات مخصصة له على الإنترنت؛ لذلك اتجه له العديد من الشباب، لأنه يقدم مزايا لا تقدمها الوظيفة الاعتيادية، مثل الاستقلالية، وتحصيل دخل بالدولار، أو العمل بالقطعة بجانب الوظيفة الأساسية باعتباره مصدرا آخر للدخل.
الدخل الدولاري
ساهمت التكنولوجيا وتوفرها لدى جميع طبقات المجتمع المصري في زيادة إمكانية العمل من خلال الإنترنت، وهو الوسيلة التي تحمل الوظائف المستقلة والمتنوعة، وهناك مجالات معينة تعتبر أسهل من غيرها، يمكن احترافها بدون شهادة جامعية، مما سهل الدخول لعالم الفريلانس، فكان ذلك وسيلة مهمة من وسائل الحد من البطالة، فإلى جانب جهود الدولة لتوفير الوظائف، يعتبر الفريلانس بوابة تتيح فرص تحصيل الدخل بدون الحاجة للتعاقد لوظيفة.
ولا يتيح الفريلانس مميزات للعاملين به فقط، وإنما يفيد الشركات وأصحاب الأعمال في تخفيض تكاليف التوظيف مع توفير قوى عاملة، فعند مواجهتهم لمشاكل، مثل عدم القدرة على مجابهة ارتفاع الرواتب الشهرية للموظفين الدائمين، يتجهوا لتوظيف الفريلانسر.
كما يعتبر الفريلاتس أداة مهمة لتنشيط سوق العمل وإنعاش الاقتصاد المصري، فبحسب تحليل نشره المركز المصري للدراسات الاقتصادية، هناك ارتفاع في الطلب على الفريلانس بشكل متسارع منذ عام 2019، فخلال الربع الأول من العام 2023 تمت إتاحة 40 ألف فرصة عمل بقيمة 60 مليون دولار في مجال البرمجيات، كما تفيد إحصائيات البنك الدولي، أن هناك حوالي 154 مليونًا إلى 435 مليونًا عاملا في مجال الفريلانس حول العالم.
دليلك لعالم الفريلانس
رحلة الفرد في الفريلانس تحتاج إلى مهارة، يقول محمد يوسف كاتب محتوى وصاحب شركة Translation Birds: الفريلانس هي المهنة التي اخترتها بناء على مهاراتي، ويختلف عن الوظيفة في أنها يضطر إليها الشخص لتحصيل الدخل، بينما الفريلانس يكون متفقا مع مواهبه، وقد يكون بدوام جزئي أو كلي، وعادة ما يكون مكملا للوظيفة الأساسية ذات الدوام الكلي.
وأضاف أن المبتدئ يختار المجال الأنسب له من خلال استكشاف مواهبه وإمكانياته، مثلا شخص يملك مهارة التصوير الفوتوغرافي والترجمة وكتابة المحتوى، يبدأ بحضور ورش عمل في تلك المجالات، والقراءة عنهم، بحيث يكتشف أي المجالات أنسب إليه، وأيهم هو أمهر فيه.
كما أن مرحلة الاستكشاف يجب أن تأخذ وقتها لكن لا تطول، بحيث تكون ثلاثة أشهر كحد أقصى، ثم يقوم الفرد بالتخصص في المجال المناسب وحضور ورش عمل وتجهيز الأدوات التي يحتاجها.
وذكر أن الفريلانسر يجب أن يتبع خطوات لكي يحصل على أول عميل له، أولا، أن يبني معرض أعمال خاص به، وله وسائل عديدة، مثل: جوجل درايف، صفحة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، موقع إلكتروني خاص به، أو موقع يتيح له ترخيص معرض أعمال مجاني، مثل موقع كونتنتلي، وبيهانس، ومستقل، فمعرض الأعمال يفيد في إظهار مهارة الفريلانسر للعملاء، ويحتوي على مشاريع جاهزة.
ثانيا، يسعى الفريلانسر لتوسيع علاقاته من خلال حضور لقاءات وورش عمل، والتقديم بشكل مباشر للوظائف التي تحتاج لمبتدئ، أو التطوع لتقديم خدمات، فذلك يحسن من فرصة إيجاده لعملاء، وأشار إلى أن حجم إقبال العملاء قد يكون بسيطا في البداية، لكنه يزيد مع مرور الوقت ليصلوا إلى كبار العملاء، ويجب أن يهتم المبتدئ بموقع لينكد إن، حيث إنه أداة مهمة في التوظيف
واستطرد أن من الصعوبات التي قد تواجه المبتدئ هي نقص الخبرة، فهو يحتاج إلى إكمال معرض أعماله، وكيفية التعامل مع العميل، بسبب ضعف مهارة التواصل، مثل عدم الإلمام بكيفية تقديم خدماته بشكل احترافي، والتي تتضمن طريقة التحدث مع العميل وكيف يسعر خدماته ويسلمها للعميل.
وأوضح أن تسعير الخدمة مهارة مهمة، حيث إن نقص الخبرة فيها يؤدي إلى بخس لحقه، عندما يتم التسعير بشكل خاطئ لا يناسب حجم الخدمة المقدمة.
كما روى أبرز الصعوبات التي واجهها، فهو مر بمشاكل تتعلق بسياسة التسعير، حيث إنه في بدايته لم يكن ملما ببعض المشاريع التي نفذها نظرا لنقص الخبرة الكافية لمعرفة حجمها، لذلك وضع تسعيرا قليلا يبخس بحقه، ولا يناسب حجم المجهود المبذل، كما أنه لم يواجه مشاكل تتعلق بإيجاد العملاء، لأنه كان يسعى للانتشار وإقامة علاقات وذلك ما ساهم في إيجاده لعملاء.
ورشح نوعين من مواقع الفريلانس، وهما مواقع عامة، مثل موقع أب وورك، وموقع مستقل، ومواقع متخصصة في مجالي الكتابة والترجمة، مثل موقع بروز.
وأضاف أن هناك مجالات معينة تناسب المبتدئ أكثر من غيرها، فكتابة المحتوى تعد أسهل من الترجمة، حيث إنها تتطلب حصيلة لغوية جيدة، أما الترجمة تتطلب مهارات فنية أعلى.
وكذلك مهنة صانع الريلز، وهي صناعة فيديوهات لدى منصات التواصل الاجتماعي، ولا تتطلب سوى هاتف ومهارة سهل إتقانها.
أما مهنة التصميم الجرافيكي والمونتاج تعد أصعب، لأنها تتطلب مهارات، مثل احتراف الحاسوب، وبرامج معينة.
وأخيرا، تحدث عن ضرورة الثقة بالنفس، فالمبتدئ لا يثق بذاته، لذلك يتعثر في خطواته، وخير دليل على كونه جاهز هو التجربة، والتعلم من أخطائه لتعويض نقص المعرفة، ليصل في طريقه إلى عملاء قيمة، يعتبر التفكير المحبط في كونه غير مستعد مجرد خيال ناتج عن عدم الثقة بالنفس، فالصبر والمثابرة حتما يؤديان للنجاح.
يقول “شريف سلام” مصمم جرافيك، أن أي شخص مهما كان مجال دراسته يمكنه أن يعمل في أي مجال آخر عن طريق التعلم والممارسة.
وأشار إلى أنه في الأساس خريج كلية الزراعة ويعمل في مجال التصميمات، وأكد على أنه من السهل إتقان الفريلانس، خاصةً بعد وجود منصات عديدة لعروض العمل، ويمكن لأي شخص التقديم عليها، مثل منصة “فريلانسر” و”أب وورك” و”مستقل” وغيرهم.
وأوضح أن الأمر يلزمه فقط إنشاء حساب شخصي احترافي، وعرض عينات من المشاريع التي قام الشخص بتنفيذها مسبقا، والتقديم على العروض التي تعلنها الشركات.
وأشار إلى أن العمل في بدايته يأخذ وقتا حتى يتمكن الشخص من التعلم ثم يتقن لاحقا المهارات اللازمة.
ضريبة الفريلانس
أصبح لدخول عالم الفريلانس طريق مليء بالصعوبات، حتى أقام الخبراء دورات مخصصة لتعليم المبتدئين عن الفريلانس، ومن إحدى المشاكل هي أثناء السفر للعمل، لأنه لا يملك عقدا يفيد بتوظيفه، حيث تقول فاطمة عبد الرازق، مصممة جرافيك تعمل بشكل حر بجانب عملها الأساسي: أنه لكي يبدأ الشخص في تنفيذ عملا خاص به يستلزم الصبر، وذلك سيأتي بثماره فيما بعد، ففي بداية الأمر يجب تقبل جميع أنواع العمل حتى إذا كان لا يتوافق معه، لأنه سيعطيه خبرة لن يحصلها عبر الدورات التدريبية، كما أنه سيساعده في بناء ملف عمل جيد يجذب العملاء، سواء كان عن طريق توظيفه أو إعطائه مشروعًا للعمل عليه بشكل مستقل، وأشارت إلى أن الفريلانس أفضل من العمل في شركة، لأن المقابل المادي يكون أعلى، ولكن هناك عقبات قد تواجه الفريلانسر.
وأردفت أن هناك مشكلة واجهتها في السفر أثناء إجراءات حصولها على الفيزا، عندما جاء لها مشروع عمل في السعودية يستلزم السفر خلال خمسة أيام، فكان من الصعب الحصول على تأشيرة العمل، واستلزم ذلك العديد من الأوراق لإثبات عملها مع تلك الشركة بشكل دائم، وذلك لم يكن متاحًا لأن عقد العمل كان مؤقتًا.
وأوضحت أنها حاولت حل الأزمة لمدة يومين من الأيام الخمسة المتاحة لإنهاء إجراءات السفر ولم تحل، لذلك اضطرت إلى السفر عن طريق الحصول على تأشيرة العمرة لمدة 30 يومًا، مما استغرق وقتا وسافرت متأخرة عن الميعاد المتفق عليه، وبدلًا من أن تسافر إلى مدينة “العلا” مباشرة، اضطرت للسفر عبر أكثر من طائرة، لعدم وجود رحلات مباشرة، فذهبت إلى مدينة “الدمام”، وانتظرت في المطار ثلاث ساعات، ثم سافرت إلى مدينة “العلا”.