كتبت دينا كرم- نورهان عادل- أية محمد
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة يلجأ الجميع إلى طرق للنجاة والخروج من هذه الأوضاع بأقل الخسائر يبحثون عن وسائل المساعدة التي يمكنها تخفيف الأعباء عنهم أو نقلهم من وضع صعب إلى وضع قابل للتحمل إلى حد ما، ومن بين الوسائل التي لجأ إليها الناس لمساعدتهم في هذه الظروف هي شركات تمويل المشروعات
تم إنشاء هذه الشركات تحت إدارة جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والذي يعد قطاعًا مهمًا لتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية مصر 2030 ويهدف هذا الجهاز إلى إحداث نمو اقتصادي متنوع، ومساعدة المشاريع التي لا يمتلك أصحابها أي خبرة سابقة ويبحثون عن الدعم المالي والإداري المناسب ويقدم الجهاز خدمات متنوعة منها التدريب والتشغيل، والتأسيس وريادة الأعمال، والتمويل والدعم الفني
كما يقدم الجهاز خدمات أخرى متخصصة منها تقديم استشارات فنية ومالية وكل ما يتعلق بتأسيس وتنفيذ المشاريع يوفر الجهاز أيضا خدمات في مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية والحرفية، بالإضافة إلى خدمات تتعلق بالثروات الحيوانية والسمكية وغيرها، وهكذا يقدم الجهاز بشكل أساسي كل الحوافز التي يحتاجها المشروع لظهوره والاستمرار في سوق العمل
التمويل سلاح ذو حدين
وانتشرت حول هذه الشركات عدة آراء حيث يوجد من يُشيد بأهميتها ومصداقيتها، ومن جهة أخرى يوجد من ينكر ذلك، حيث أن كل شخص يُعبر عن رأيه من خلال تجربته الشخصية ويجدر بالذكر أن هذه الشركات تقدم دعماً للمشروعات التي تم إنشاؤها بالفعل، حيث قد تمتد فترة تأسيسها على الأغلب لستة أشهر، ولكنها تحتاج إلى تمويل لتستمر أو تتوسع بشكل أكبر وأسرع
تضع هذه الشركات شروطها ومميزاتها أمام أصحاب المشروعات، بالإضافة إلى توفير جميع المعلومات اللازمة لهم وعلى أصحاب هذه المشروعات أن يقرروا ما إذا كانوا سيستمرون أو ينسحبون من البداية، لذلك يكون لدى المسئولين في هذه الشركات مبرراتهم للأفراد الذين يشككون في أهمية هذه الشركات ومصداقيتها يؤكدون أن كل شيء يكون واضحًا منذ البداية، وأن الشروط والمعلومات تُعرض بوضوح، سواء كان ذلك بخصوص فترة السداد، أو قيمة الفائدة، أو طرق تحصيل المبالغ المتفق عليها وبالنهاية تختلف سياسات كل شركة وتُفصح عنها في بداية التعامل مع العملاء
شكاوى مثيرة للجدل
تعتبر شكاوي المواطنين من هذه الشركات محورية حيث يشير البعض إلى أن نسبة الفوائد المفروضة عليهم تكون مرتفعة للغاية، تتراوح بين 25٪ و35٪ أو أكثر، مما يجعلهم يشعرون بأن هذه الشركات تستغل احتياجهم وتفرض عبئًا كبيرًا وشاقًا عليهم، مما يضعهم تحت ضغط كبير، ويعتبرون أنهم لا يحصلون على الاستفادة المتوقعة وأن أصحاب الشركات هم المستفيدين الرئيسيين من هذا الوضع
من بين الشكاوى التي تقدمها الأفراد الذين تعاملوا مع هذه الشركات، شكوى للمواطن (علي.ه) الذي تعامل مع إحدى تلك الشركات لتمويل مشروعه الخاص في مجال مستلزمات الأفراح والمناسبات تم تمويله بمبلغ قدره 15 ألف جنيه، ولكن عند استلام المبلغ، اكتشف أن هناك نقصًا في المبلغ بقيمة 1200 جنيه، وتم إبلاغه أن هذا المبلغ يشكل رسومًا لفتح ملف وإجراءات ورقية أخرى
كما كانت الفوائد مرتفعة حيث قام بإعادة المبلغ في غضون بضعة أشهر، وكانت الفوائد التي دفعها تصل إلى 7000 جنيه، مما يقترب من نصف المبلغ تقريبًا، ولذلك قرر عدم التعامل مرة أخرى مع هذا النوع من الشركات
يأتي الرد من (ه.س) أخصائية تمويل في إحدى تلك الشركات، بأن هناك اتفاقًا منذ البداية يوضح فيه كل ما يحتاج العميل معرفته، وتؤكد أن الشركة توضح جميع الجوانب المالية فى بداية الامر، و تتابع المشروع منذ بداية التمويل حتى يصل صاحبه إلى مستوى يُرضيه ويكون مربحًا
وتضيف أنه خلال هذه المتابعة إذا حدث أي شيء يؤثر سلبًا على العميل فإن هناك لجنة مناقشة في الشركة يمكن للعميل أن يُطرح فيها شكواه، وستتم فورًا تقديم المساعدة والدعم الذي يحتاجه مع التأكيد على أنه سيتم حل المشكلة
تُنبه الشكاوى أيضاً إلى أن هناك أشخاصاً قد تعرضوا لأساليب تحصيل غير لائقة من قِبل هذه الشركات، سواء كان ذلك عبر الاعتداء عليهم في منازلهم أو أماكن عملهم، حيث تأتي شكوى من المواطن (أ.ج) الذي أفاد بأنه تعرض لأساليب غير لائقة في تحصيل الأقساط، حيث قام عدة أشخاص بزيارة منزله وحاولوا الاشتباك معه، مما أثار الفزع في منزله أمام زوجته وأولاده وقد قام بتقديم شكوى رسمية ضد الشركة وتواصل مع مسؤول من الشركة لحل المشكلة
وفيما يتعلق بتلك الشكوى جاء الرد من (ج.ك) منسقة تحصيل في الشركة، موضحة أن حدوث مثل هذه الحالات هو شاذ ونادر، وأن الشخص الذي يتعرض لمثل هذه الأمور لديه الحق في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد الشركة وأوضحت أن الشركة تتدخل على الفور للتعامل مع الأمر، وتُعطى مهلة للمتعثرين في السداد بعد المهلة الأساسية (التي تكون 15 يومًا) ليتم التوصل إلى حل معهم وإذا لم يتم السداد خلال هذه المهلة، يتم تحويل الملف إلى الشؤون القانونية لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، وهذه تعتبر آخر الخطوات التي تتخذها الشركة مع المتعثرين، مع التأكيد على أنها تبتعد تمامًا عن العنف والتصرفات غير الآدمية
من اليأس إلي النجاح
كما يتقدم العديد من المواطنين بشكاوى حول شركات التمويل، هناك فئة كبيرة من الأفراد استفادوا بشكل إيجابي من هذه الشركات ومن سياساتها ونجحوا في الوقوف على أقدامهم وتحقيق نجاح في مشروعاتهم، حيث توفرت لديهم فرصة للظهور في سوق العمل وتحقيق أرباح كبيرة
ومن الحالات التي كانت الشركات لهم بمثابة طوق نجاة الشاب ( م.خ) الذي بدأ في شق طريقه وهو طالب في كلية الآداب وحينها عرض عليه صديقه العمل كمساعد في ورشة حدادة، ووافق وبعدها أتقن هذه الحرفة واعتزم علي أن يبدأ مشروعه الخاص به وبالفعل تواصل مع احدي هذه الشركات وطلب تمويل ليتمكن من فتح الورشة الخاصه به، و ساعدته تلك الشركة وتمكن من فتح الورشة الخاصه به ولم يتوقف عند ذلك بل قام بفتح ورشتين، وطوال مدة عمله كانت الشركة تقدم له الدعم والتمويل الذي يحتاجه
رحله بين التحديات
هناك العديد من الحالات المشابهة لحالة هذا الشاب، حيث يكون الأفراد في أمس الحاجة إلى فرصة لتمويل مشاريعهم والوصول إلى مستوى مادي مناسب للوضع الحالي يلجأ الشباب والطلاب الخريجين الذين لا تتوفر لديهم فرص عمل مناسبة إلى مثل هذه الشركات للحصول على تمويل يساعدهم على بدء رحلتهم في الحياة
كذلك السيدات المعيلات اللواتي يبحثن عن فرصة واحدة تعينهن على استكمال واجباتهن نحو أولادهن يلجأن إلى مثل هذه الشركات وكبار السن الذين يرغبون في عدم تكوين عبء على الدولة أو أولادهم يلجؤون إلى مثل هذه الشركات لتمويل مشاريعهم وتحقيق ربح منها
في الختام تظهر العديد من النماذج التي نجحت هذه الشركات في مساعدتها على التغلب على ظروف الحياة الصعبة وإنقاذها من اليأس الذي كان يسيطر عليها نتيجة لعدم نجاح مشروعاتها أو عدم القدرة على استمرارها بسبب عدم توفر الأموال اللازمة، وعلى الرغم من أن هناك بعض الشركات التي قد تستغل حاجة الأفراد وتفرض عليهم أعباء وضغوطًا، إلا أنه من الأهمية بالغة على الأفراد الذين ينوون التعامل مع تلك الشركات البحث عن الشركات الموثوقة وكذلك ينبغي على الشركات وضع مصلحة الأفراد كأولوية في تفكيرهم والعمل على تحقيق توازن بين استفادتهم كشركات ودعم الأفراد في تنفيذ مشاريعهم