كتبت دينا كرم
لم تعد وظيفة السيارات الملاكي مقتصرة على كونها وسيلة مواصلات توفر وقتًا وجهدًا وتسهل التنقل وقتما نشاء لقضاء المشاوير والذهاب للعمل فقط، بل أصبحت إضافة إلى ذلك وسيلة لزيادة الدخل وتُعتبر مصدر رزق لكثير من الأفراد.
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، أصبحنا بحاجة إلى البحث عن مصادر دخل متعددة بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد من الوظيفة الأساسية التي لم تعد تكفي، حيث يتطلع الجميع للعمل في أكثر من وظيفة والبحث في أكثر من طريق لتوفير دخل مناسب يلبي الاحتياجات المطلوبة.
ومن بين السبل التي اعتمدها الأفراد هي استثمار سياراتهم الخاصة بطرق متعددة لتحقيق دخل إضافي، ويُفضل بعضهم استخدام سياراتهم في تطبيقات النقل الذكي المعروفة في مصر حاليًا، مثل “أوبر وكريم وإن درايف وديدي”، والتي تحظى بشهرة كبيرة في هذا المجال، بينما يُفضل آخرون استخدام سياراتهم لتقديم خدمات المشاوير الشخصية للأفراد مقابل أجر محدد، وهناك من يُفضل تأجير سيارته لفترة معينة ليعمل عليها شخص آخر، حيث يتم توزيع الأجر بينهم في نهاية اليوم أو الأسبوع أو الشهر، وفقًا للاتفاق المبرم، ويوجد أيضًا من يتعاقد مع مندوبي توصيل في مختلف الشركات لتوصيل الطلبات باختلاف أنواعها، بذلك يخلقون لأنفسهم تجارة خاصة تُمكنهم من تحقيق دخل إضافي، ويوجد من يعتمد ذلك كمصدر رئيسي للدخل.
تحويل السيارة لمصدر دخل
وأكد أفراد لديهم تجارب شخصية في تشغيل سياراتهم بإحدى الطرق المذكورة أنهم استطاعتوا فتح بيوتهم بهذه الطريقة التي ساعدت في زيادة دخلهم، ومن بين أشهر وأبرز الطرق العمل بتطبيقات النقل الذكي التي تكتسح حركة النقل والتي توفر فرصًا لكثير من الأفراد سواء من يعملون بها أو من يتعاملون معها ويستخدموها.
ومن مستخدمين تلك الطريقة (ك.ش)، رب أسرة يبلغ من العمر 46 عاما وهو موظف في إحدى الهيئات الحكومية، لديه أربع بنات في مراحل تعليمية مختلفة، بالتالي حاجاتهم مختلفة ومتنوعة، لذا قرر البحث عن طريق يزيد من دخله ليتناسب مع حاجات أسرته، فقام بشراء سيارة ملاكي بالتقسيط بضمان وظيفته، وبدأ بتشغيلها في إحدى تطبيقات النقل الذكي والعمل عليها عدد معين من الساعات بعد انتهاء المواعيد الرسمية للوظيفة الحكومية.
اختار (ك.ش) هذه الوظيفة خصيصًا لأنه من خلالها يستطيع أن يكون “مدير نفسه” ولن يتحكم فيه أحد ويعمل وقتما يشاء وكيفما يشاء دون ضغط من أي شخص آخر، ومنها أيضًا أنه يستفيد ويجمع منها الأموال فقام بتسجيل السيارة في إحدى التطبيقات، والتي تشترط بعضها أن يكون موديل السيارة لا يقل عن 2009، ولكن تختلف الشروط حسب سياسة الشركة و يشترط أيضًا أن تكون السيارة ذات مواصفات معينة تتناسب مع الشركة وعملائها، وتشترط القيام بخطوات عديدة قانونية للتأكد من صحة وكفاءة السائق، مثل القيام بـ (فيش وتشبيه) والتأكد من رخصته، وغيرها من الإجراءات التي تتعلق بكفاءة السائق وأخلاقه لتضمن السلامة لعملائها وهذه الشروط قد تختلف نسبة توافرها من تطبيق لآخر.
وقال إن بعض التطبيقات الأخرى قد تتغافل بنسبة معينة عن مثل هذه الإجراءات والشروط وبما أن هذه التطبيقات تشترط كل هذه الشروط فمن المتوقع أن العمل لديهم يُدر دخلا قيّمًا، ولكن لم يكن المتوقع هو الحقيقي فمنهم من يأخذ من السائق نسبة على كل رحلة قد لا تتجاوز (30٪)، مما يجعله يشعر أحيانا بأن حقه ناقص، ولكن هناك ميزات أخرى في بعض هذه التطبيقات لم يستطع السائق التغافل عنها، تختلف بين أن منهم من يضمن حق السائق بالكامل إذا تعرض لأي موقف غير لائق من العميل أو إذا لم يدفع العميل المبلغ المتفق عليه فيأتي دور هذه التطبيقات في ضمان حقه وتعويضه ماديًا وتمكينه من تقديم شكوي في العميل، مثلما يتاح للعميل تقديم شكوى ضد كابتن الرحلة وغير ذلك من الميزات أو العيوب.
وأضاف في حديثه أنه حاول تجربة كل التطبيقات حتى يستقر على تطبيق معين يجد فيه راحته، وأن هناك طرق أخرى يلجأ لها للاستفادة من السيارة، منها أنه إذا سافر مع العائلة أو أحد أصدقائه واضطرته ظروف للعودة فجأة من دونهم، يقوم بتقديم عرض على إحدى المجموعات الخاصة بالسفر أو بسائقي الملاكي على موقع التواصل الفيسبوك ويكتب منشورًا أن من يرغب في العودة إلى القاهرة فيمكنه الاتصال به ليسافروا معًا مقابل سعر أقل من المعتاد لأن مثلًا السفر من القاهرة للإسكندرية بسيارة ملاكي قد تصل تكلفته إلى (800 جنيه) أما في هذه الحالة يعرض أن الرحلة ستكون مقابل (400 جنيه)، وبذلك يحاول الاستفادة بدلاً من أن تُكلفه العودة مصاريف البنزين وغير ذلك تقع على عاتقه وحده، فيشارك فيها شخص آخر مقابل أن يصل بشكل مريح في سيارة ملاكي بدلاً من الوسائل المتعبة الأخرى وفي نفس الوقت بسعر معقول، إذا هي استفادة للسائق والعميل في آن واحد، وقام (ك.ش) بتقدير نسبة الربح في الشهر وتصل إلى (12 ألف)، يخرج حوالي (7آلاف) بنزين وصيانة ومستلزمات تحتاجها السيارة فيتبقى حوالي (5آلاف)، وهذا مناسب لعدد الساعات التي يعمل بها، فإذا كان شخصًا متفرغًا يمكنه أن يعمل عدد ساعات أكثر بالتالي يُدر دخلًا أكثر.
تجارب الأفراد في استغلال السيارات
يقول (أ.م) الذي يبلغ من العمر 23 عامًا وتخرج من كلية التجارة، أنه يعمل في وظيفة لكنها غير ثابتة، ويحاول هو أيضًا البحث عن طريقة تساعده في مصاريفه اليومية أو مساعدته في تكوين نفسه فقام بشراء سيارة من ما ادخره من عمله، ومع أنها ليست ذات إمكانيات عالية، إلا أنها تستطيع تقديم المساعدة، وقام بتشغيلها أيضًا في تطبيقات النقل الذكي، ولكن قال إن السيارة لم تساعده أن يعتمد عليها اعتمادًا كليًا في دخله لأنها غير جيدة بنسبة عالية فمن يريد أن تكون هذه وظيفته الأساسية والاعتماد الكلي عليها يجب أن تكون سيارة جيدة ذات مواصفات حديثة تُمكّنه من العمل عليها دون حدوث مشكلات عديدة والاضطرار للصيانة بشكل متكرر.
(س.م) تبلغ من العمر 40عامًا تعمل موظفة في إحدى الهيئات الحكومية، قامت بشراء سيارة لكي تكون مصدر دخل آخر لها ولكن لم تعمل عليها بنفسها، فهي تقوم بتأجيرها لأفراد آخرين مختلفين يعملون عليها سواء باليوم أو بالشهر، فهي تأخذ نسبة معينة من الربح كل شهر وتقول أنها تستفيد حتى لو كان الدخل منها بسيطًا قد يصل أحيانًا إلى (2000 جنيه في الشهر) ولكن هذا أفضل من أن تتركها بلا استفادة فهي تحاول التربح عن طريقها.
في المقابل قام (ص.م) يبلغ من العمر 45 عامًا موظف حكومي بشراء سيارة بالتقسيط لكي تساعده على قضاء مشاويره وأيضًا يؤجرها لأحد الأشخاص للعمل عليها أثناء أوقات الوظيفة الرسمية لحين أن ينتهي من عمله في الوظيفة ويستلم السيارة من الشخص المستأجر ويعمل عليها بنفسه في إحدى تطبيقات النقل الذكي ويتقاسم الربح مع المستأجر بدلاً من أن يتركها فيجعلها تعمل ليستفيد منها في مصاريف أسرته وسداد القسط منها أيضًا.
كذلك استطاع (م.ص)، (22 عامًا – طالب في كلية الحقوق، ويعمل من سن 19 عامًا) من خلال من عمله في هذه السنوات ادخار مبلغًا معينًا لشراء سيارة ليعمل بها وقام بشراء ماكينة قهوة وأدوات عديدة للمشروبات لتكون مثل الكافية المتنقل واستطاع من خلالها أن يُدر دخلا جيدا ويساعد نفسه وأسرته.
وهناك العديد من الأمثلة لأصحاب السيارات الذين يحاولون استغلالها لمواجهة قسوة الظروف ومحاولة التغلب عليها وتوفير الدخل الذي يريدونه، والذي من شأنه مساعدتهم على توفير أشياء يحتاجونها سواء لمنزلهم أو لأسرتهم أو احتياجاتهم الخاصة، ويوجد طرق أخرى للربح من السيارة غير الطرق المذكورة منها من يتاجر في ملابس ويعرضها على سيارته في الشارع في أماكن مختلفة أو من يقوم بعرض أحذية على سيارته أو تابلوهات أو أشياء أخرى يمكن عرضها على السيارة.