الهجرة الغير شرعية .. رحلة البحث عن الحياة داخل أمواج الموت

خبراء: الظروف الاقتصادية والتقليد الأعمى أهم أسباب إقدام الشباب على "مراكب الموت"

AL Hasala Magazine By AL Hasala Magazine
7 Min Read

كتب كيرلس عزت – حفصة مدحت

تعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية واحدة من أكثر المشكلات التي تؤرق المجتمع المصري، وتنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير بين فئة الشباب، وتتنوع دوافع الشباب للهجرة بين دوافع اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وبشكل رئيسي يلجأ الشباب إلى الهجرة غير الشرعية بسبب تزايد الضغط على الهجرة بشكل عام، مع ارتفاع تكلفة الهجرة النظامية أو تطبيق سياسات تحد من هجرة الأشخاص إلى بلاد أخرى بطريقة قانونية، وهناك سبب آخر وهو قسوة الظروف الاقتصادية في البلاد التي تدفعهم إلى الهجرة بهذه الطريقة أملًا في حياة أفضل.

معاناة المهاجرين غير النظاميين

قصص المهاجرين غير النظاميين مليئة بالمآسي والأحزان، فهم يلجأون للسفر بطريقة غير نظامية للهروب من واقع يعيشونه، ولكنهم يجهلون أنهم يتجهون إلى المجهول فالواقع مختلفٌ عن الأحلام.

“م. ع ” شاب هرب من مصر بحثاً عن حياة أفضل نموذج على هذه المعاناة حيث قال أنه قام بدفع 110 ألف جنيه للسمسار بهدف الهجرة إلى إيطاليا، ولكنه واجه الجحيم حتى وصل إلى هناك.

وأضاف “م.ع” أنه سافر هو وبعض الشباب لليبيا وتم وضعهم في “مخازن” لبضعة أيام، وكان هناك شباب آخرون من جنسيات مختلفة في هذه المخازن، واستطرد حديثه قائلا أنه عند وصولهم بالقرب من الساحل طلب منهم صاحب المركب النزول في البحر والسباحة حتى الوصول إلى البر بعيدًا عن أنظار خفر السواحل.

ويعيش “م.ع” حياة غير مستقرة منذ وصوله إلى إيطاليا، فهو اضطر إلى التوجه للشارع والمبيت بدون طعام لعدة أيام، بالإضافة إلى استغلال أصحاب المطاعم له وعدم إعطائه أجورًا جيدة لأنه لا يمتلك وضعا قانونيا.

وعلى صعيد متصل، قال “ح.م” إنه أراد السفر لعيش حياة كريمة، وأنه عاش رحلة محفوفة بالمخاطر، بداية من ركوبه مع حوالي 100 شخص في قارب لا يستطيع حمل سوى 50 شخصًا، حتى وصوله لسواحل إيطاليا.

وأضاف “ح.م” أن أصعب جزء في الرحلة كان طلب أصحاب السفينة من الركاب القفز في عرض البحر أمام شواطئ أوروبا بنحو بضعة كيلومترات ليخوضوا بقية المسافة سباحة حتى لا يتم القبض على أصحاب السفينة، واستطرد قائلًا أنه بعد وصوله لإيطاليا واجه عدة مشاكل، منها تعلم اللغة، والهروب بشكل مستمر من الشرطة، وصعوبة إيجاد عمل، خاصة أنه يعيش هناك بطريقة غير قانونية.

وقال الشاب “م.ي” الذي يبلغ من العمر 19 عامًا ومن محافظة المنيا إنه قرر السفر خارج مصر للبحث عن عمل بمرتب مجزي، ولكن دون الطرق القانونية وكان منتشرا بين أبناء قريته السفر عن طريق المراكب وما إلى ذلك.

وكان هناك رجل مشهورًا يقوم بمطالبة الشباب بمبالغ مالية ضخمة من أجل تهريبهم، فهذا الشخص يقوم بعدة جرائم، منها تفريغ الأيدي العاملة، اللعب بحياة الأفراد عن طريق سفرهم بطريقة تؤدي إلى الوفاة، وطلب مبالغ ضخمة تؤدي بالشباب إلى السرقة أو الديون.

وبعدما توصل الشاب لذلك الرجل، بدأت المغامرة فجمع المبلغ المالي وأرسله إلى الرجل، وذهب إلى ميناء السلوم وجلس هناك ثلاثة أيام ثم بدأ التحرك إلى دولة ليبيا، وهناك جلس حوالي 12 يومًا في أماكن تشبه الأنفاق تحت الأرض، غير مؤهلة بالمرة لتحمل عدد 15 فردًا على الأكثر، وعلى الرغم من ذلك عدد الموجودين بها كان يتعدى الـ50 فردًا .

وبعد ذلك بدأ التوجه إلى دولة إيطاليا بالمراكب، وعند نقطة معينة يكمل الشباب الوصول إلى إيطاليا عن طريق السباحة، وكأن كل ما يحدث أشبه بمقطع من فيلم ، فما الدافع وراء هجرة هؤلاء الشباب؟

تحديات الهجرة غير الشرعية

تقول سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس: إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ظاهرة قديمة، ولكن زادت في الفترة الأخيرة بسبب وجود تجار لتنظيمها، وأن معظم الشباب الذين يلجأون للهجرة غير الشرعية لا يمتلكون مؤهلا تعليميا عاليا.

وأضافت أن رحلات الهجرة غير آمنة، وأنها تسببت بموت الكثير من الشباب بسبب انقلاب المراكب في البحر، وقد يتعرض الشباب للقبض عليهم وتهجيرهم إلى مصر مرة أخرى.

وأشارت إلى أن السبب الرئيس لمشكلة الهجرة غير النظامية هو زيادة عدد السكان بشكل كبير، مما تسبب في الضغط على الاقتصاد في البلاد، وقلة فرص العمل، وبالتالي يلجأ الشباب للسفر بهذه الطريقة للحصول على فرص عمل.

ونوهت إلى أنه لحل هذه المشكلة يجب على الدولة التدخل لوضع استراتيجية لمواجهة المشكلة السكانية وانتشار الأمية، بالإضافة إلى تدخل رجال الدين لنشر الوعي والثقافة بين الشباب.

وقال الدكتور “م. أ” أستاذ علم النفس، محللًا لتلك الظاهرة أن هناك ثلاثة أسباب تؤدي بالشباب إلى الهجرة غير النظامية رغم أنها تضعهم تحت طائلة القانون واستغلال الأفراد الذين يقومون بجمع الأموال منهم و إجلائهم إلى خارج البلاد.

تلك الأسباب هي الذكريات السيئة، فبعض الأشخاص يعيشون في ذكريات سيئة في البلاد، مثل التعرض للحوادث أو وفاة شخص عزيز عليهم. ومحاولة تحسين الحالة المادية حيث يعتقد البعض أن هناك فارقًا كبيرًا في المرتبات داخل وخارج البلاد دون أن يضعوا تكاليف الإيجار أو التكاليف الغذائية في اعتبارهم، ويلاحظون بعد فترة أنهم تعرضوا للغربة ولم يتمكنوا من جمع الأموال.

والتقليد الأعمى كذلك من أهم أسباب الهجرة غير النظامية خاصة  في القرى والنجوع، حيث يسافر ابن عمدة القرية إلى خارج البلاد، وبناءً على ذلك يقرر بعض الشباب السفر أيضًا تأثَّرًا به، ولكن تلك الأسباب ليست مبررًا لقيام الأشخاص بتلك الجريمة في حق أنفسهم وأن يجازفوا بحياتهم بتلك الطريقة.

وفي نهاية المطاف، الهجرة غير النظامية ظاهرة اجتماعية خطيرة على المستوى الوطني “الدول المصدرة” وعلى المستوى الخارجي “الدول المستقبلة”، وذلك لما تحمله من انعكاسات وآثار اجتماعية ونفسية كثيرة سواء على المدى القريب أو البعيد، وعلى مستوى الفرد والجماعة والمجتمع.

فإن الشخص الذي يفكر في الهجرة بهذه الطريقة، فإنه يضع أمواله وصحته، بل وحياته كلها تحت قبضة شخص واحد، وهو المتحكم في سفر تلك الشباب، وبعد ذلك كله، يجد نفسه تحت طائلة القانون.

TAGGED:
Share This Article
Leave a comment