الحصالة تفتح ملف الفجوة الاقتصادية بين دعم الرياضات الفردية والجماعية

أزمه المصروفات..مواجهة لاعبي الرياضات الفردية لتحديات التمويل

AL Hasala Magazine By AL Hasala Magazine
9 Min Read

كتبت نورهان عادل

الرياضات بصفة عامة سواء كانت جماعية أو فردية تحتاج إلى عدة مقومات لكي تنجح وتتقدم، ويأتي ذلك من خلال الجهد الجسدي والتمارين والالتزام ويتساوى جميع اللاعبين في بذل هذا الجهد، ولكن هذا وحده لا يكفي لتحقيق النجاح فتحتاج أيضًا إلى عنصر أساسي لا يمكن إغفاله أو التقليل من شأنه وهو الدعم المادي، حيث يحتاج اللاعب إلى هذا الدعم للحصول على الأدوات والأجهزة اللازمة، إضافة إلى تكاليف التدريبات ووسائل المواصلات وغيرها، ومع ذلك يظهر تفاوتٌ واضح في مستوى الدعم المادي الذي يحصل عليه اللاعبون، حيث تكون نسبة الدعم للرياضات الجماعية غالبًا أعلى من تلك التي يحصل عليها الرياضيون الفرديون

ولكن حتى في الرياضات الجماعية لا يتحقق هذا الدعم إلا بعد تحقيق اللاعب لنتائج جيدة، وبعد مضي فترة من التدريبات الشاقة والانخراط في نوادي رياضية محددة، فيتم تكريم اللاعبين بالدعم المادي بناءً على أدائهم وإسهاماتهم الفعّالة

واقع الدعم المالي

يقدّم لنا اللاعب (إياد إيهاب) الذي يلعب في فريق الزمالك للكرة الطائرة ويحمل رتبة لاعب درجة أولى مثالًا حيًّا على التحديات المالية التي يواجهها الرياضيون خلال مسيرتهم الرياضية، فقد بدأ إياد رحلته الرياضية في سن الثانية عشر، و قضى تسع سنوات في التدريب واللعب مرتبطًا بنادي الأهلي قبل أن ينتقل إلى نادي الزمالك، كما شارك في بطولات عديدة منها بطولات المنطقة وإفريقيا والجمهورية

كانت الفترة التي قضاها كناشئ تمثل تحديًا ماليًا بسبب التكاليف الباهظة المرتبطة بأدوات التدريب، خاصة الأحذية التي كان يحتاج إلى تجديدها شهريًا بتكلفة تصل إلى خمسة آلاف جنيه، إضافةً إلى نفقات أخرى كالمواصلات والتغذية، وفي هذه المرحلة كانت المساهمة المالية من النادي لا تلبي احتياجاته بشكل كاف

ومع ارتقاء إياد إلى مستوى لاعب درجة أولى تغيرت الأمور، وحصل على عقد مالي مرتفع مع النادي، يعد تعويضًا للجهد الذي بذله خلال مسيرته الرياضية، ويُظهر هذا المثال كيف يمكن أن يتفاوت الدعم المالي بناءً على تقديم اللاعب وتقدمه في مساره الرياضي، حيث يجسد العقد الجديد تقديرًا لتفانيه وإسهاماته في مجال الرياضة

وتوضح لمار محمد لاعبة في فريق الناشئين بنادي الأهلي في رياضة كرة السلة تجربتها، حيث شاركت لمار في بطولة الجمهورية عام 2021 و تمكن فريقها من تحقيق المركز الرابع، وقد سلطت الضوء على واقع اللاعبين في رياضة كرة السلة وأبرزت التحديات المالية التي واجهتها خلال مسيرتها الرياضية

وتوضح لمار أنه خلال فترة النشء يقوم النادي بتحمل المسؤولية المالية فقط عن تكاليف المباريات، مثل ملابس اللاعب والأحذية الرياضية ووسائل المواصلات، وفي هذه المرحلة تتحمل اللاعبة باقي المصاريف والمستلزمات والنفقات الأخرى، و يُقدم النادي دعمًا ماليًا شهريًا قدره 500 جنيه، وهو مبلغ قليل لا يشكل مساهمة قيمة في تلبية احتياجات اللاعب

وتضيف لمار أنه وعندما ترتقي اللاعبة إلى فئة اللاعبين درجة أولى يتغير السيناريو بشكل كبير، فتحصل اللاعبة على عقد مالي جيد يُغطي جميع احتياجاتها بما في ذلك تكاليف التدريب والملابس والأدوات الرياضية، ويظهر هذا التطور فرق تقدير النادي لإسهامات اللاعبة وتقدمها

تحديات المصروفات

تتجلى تحديات الرياضات الفردية في عدم حصول اللاعبين على الدعم المالي الكافي خلال فترات مشاركتهم، وخاصة في الرياضات  التي تتطلب مستلزمات غالية وتكاليف تدريب باهظة، ويعَد اللاعب (كريم عاطف) الذي حقق المركز الثاني في بطولة أوليمبيا مصر والمركز السادس في بطولة آيرون مان توب لعام 2023 وحاز على بطاقة الاحتراف مثالًا حيًا على هذا الواقع

فقد وضح لنا كريم عاطف أن رياضة كمال الأجسام تتطلب لاعبًا لا يقتصر نجاحه على الجانب البدني فقط، بل يتطلب أيضًا الكثير من التحمّل المالي، إذ يجد اللاعب نفسه مضطرًا لتحمل تكاليف طعام يومي تصل إلى 400 جنيه نظراً لالتزامه بنظام غذائي يعتمد بنسبة كبيرة على البروتينات والكاربوهيدرات، وما يزيد على ذلك هو أن يتعين على اللاعب أيضًا استخدام المكملات الغذائية، مثل البروتين والكرياتين التي تاتي بأسعار مرتفعة للغاية، فعلى سبيل المثال تتراوح أسعار البروتين بين 3000 جنيه وتصل إلى 15000 جنيه أو أكثر. أما الكرياتين فتبدأ أسعاره من 2500 جنيه وتصل إلى 10000 جنيه وأكثر، ويترتب على اللاعب تكاليف هذه المكملات والتي تكمن مسؤوليته الشخصية في تغطيتها، وهو أمر يعتبر ثقيلًا ماليًا للغاية

إن هذه التفاصيل تسلط الضوء على التحديات المالية الكبيرة التي يواجهها اللاعب في رياضة كمال الأجسام، حيث يتعين عليه تحمل تكاليف كل جانب من جوانب التدريب والتغذية والتكميل الغذائي مما يبرز أهمية توفير دعم مالي لهؤلاء الرياضيين وتبرز هذه التفاصيل الضرورة الملحّة لتقديم دعم مالي للرياضيين، خاصة في رياضات القوة والتحمّل حيث تكون التكاليف باهظة وتتطلب الكثير من الالتزام المالي من اللاعبين، مما يعكس الحاجة إلى فهم أوسع وتوفير سبل لدعمهم في مسارهم الرياضي

رياضة “الكيك بوكسنج” تعد أيضا من أحد الرياضات الفردية التي لا تحظى بالدعم الكافي من الناحية المالية، فقد أوضحت لنا اللاعبة “سارة حسام”، الفائزة في بطولة الجمهورية عام ٢٠٢٢ بعض الضغوطات المالية التي قد تؤثر على اللاعبين، ففي البداية يجب على الرياضي أن يخوض تدريباته من خلال الانضمام إلى نادي وتحمل تكاليف التدريبات، و بعد تحسن مستوى اللاعب يصبح لزامًا عليه دفع مبلغ مالي للانضمام إلى الاتحاد، حيث يصبح بإمكانه المشاركة في البطولات

ومع حصول اللاعب على الجوائز والمكافآت بعد الفوز تظل تلك المكافآت مبالغ رمزية لا تتناسب مع المصاريف الضخمة التي يتكبدها اللاعب في التدريبات وشراء الأدوات الرياضية، فعادة ما تكون معدات التدريب غير ميسورة وتتطلب استثمارً كبيرًا، مما يعزز فجوة الدعم المالي ويجعل التحقيق بالتميز رياضيًا أكثر تحديًا

رياضة “القوس والرمح” تعد من الرياضات القليلة التي قد تمارَس فرديًا أو جماعيًا، ولكن يعتبر النوع الفردي أكثر انتشارًا محليًا نظرًا لتعقيداتها وتكلفتها العالية، وأوضح لنا اللاعب “إفاد البرولرسي” الفائز بالمركز الأول في بطولة الجمهورية لعامي ٢٠٢٠ و٢٠٢١ بتحصيل ١٨ مترًا عموميًا، بعض الأسباب التي تجعل هذه الرياضة تواجه تحديات مالية

حيث تتسم أدوات هذه الرياضة بتكلفتها الباهظة وتعقيدها مما يجعلها غير متاحة بسهولة في الأسواق المحلية، وتتألف أدواتها من القوس والسهم، ويتقسم كلًا منهم إلى أجزاء منفصلة وكل جزء بسعر مختلف، حيث ينقسم القوس والسهم إلى عدة أجزاء مثل الماسورة والوتر والريش، ويكون سعر كل جزء منها مرتفعًا وفي حالة تلف أو كسر أحد الأدوات خلال التدريبات أو المباريات، يجد اللاعب نفسه في حاجة إلى استبدالها بقطع غيار جديدة، وسعر السهم الذي قد يصل إلى 5000 جنيه أو أكثر، يُظهِر التحديات التي يواجهها اللاعب في توفير معدات ذات جودة عالية

 وتزيد صعوبة الحصول على هذه الأدوات في السوق المحلية من ضغوط اللاعبين، الذين قد يجدون أنفسهم مضطرين إلى شراء هذه الأدوات من الخارج باستخدام العملات الصعبة بسبب نقصها في السوق المحلية، وبالتالي يقع عبء توفير هذه الأدوات وقطع الغيار على عاتق اللاعب نفسه مما يزيد من تحدياته المالية

في ختام النقاش حول تحديات الدعم المادي في مجال الرياضات يظهر أن بالتأكيد يتطلب تحفيز اللاعبين وتشجيعهم على متابعة مسيرتهم الرياضية توفير بيئة متكافئة ومتساوية من حيث الدعم المادي وتكاليف المشاركة في جميع أنواع الرياضات، سواء كانت فردية أو جماعية حيث تشكل ممارسة أي رياضة تزامنًا مع متطلبات الحياة تحديات كبيرة من حيث الوقت والجهد والصحة والتكلفة المالية

فاللاعب لا يمثل نفسه فقط، بل يُمثل وطنه، ناديه أو منتخبه، ويبذل جهدًا كبيرًا لتحقيق النجاح والتقدم في مسيرته الرياضية، لذلك يُعتبرالتقدير والدعم المادي حقًا أساسيًا يجب أن يتلقاه اللاعب، ويسهِم هذا الدعم في تخفيف الأعباء المالية التي قد يواجهها اللاعب نتيجة لتكاليف التدريبات، شراء المعدات، والمشاركة في البطولات

ومن خلال تحقيق التكافؤ في توفير الدعم المالي يمكن تحفيز المزيد من الرياضيين على متابعة شغفهم وتحقيق طموحاتهم الرياضية، وتعزيز هذا التساوي يسهم في بناء أساس قوي لتطوير المهارات الرياضية ورفع مستوى الأداء الرياضي على المستوى الوطني والدولي

Share This Article
Leave a comment