المقاطعة.. عندما يقول الرأي العام كلمته

عام الحظ للصناعة المحلية... ارتفاع فرص العمل لدى شركة مصرية بعد المقاطعة

AL Hasala Magazine By AL Hasala Magazine
8 Min Read

كتبت ندى سيف الدين

لدى الشعوب أدوات مختلفة للتعبير عن موقفهم بشأن قضية ما، حيث شنت الشعوب العربية حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، منذ عدوانه الغاشم على غزة لكيلا تساهم في الدعم المادي للدول التي تساند الاحتلال ماديا ومعنويا.

كيف أثرت المقاطعة؟

تعتبر المقاطعة تهديدا للشركات الهادفة للربح، ولأن رضى العملاء أولوية بالنسبة لها، فالترويج للمقاطعة يعد أمرا مقلقا لهم، لكيلا تتأثر المبيعات وتؤدي للخسارة، حتى بالنسبة للشركات العملاقة، التي تملك فروعا في كل مدينة لدى كل الدول العربية، مثل شركة ماكدونالدز التي أعلنت عن تبرعها بوجبات مجانية لجنود الاحتلال الإسرائيلي، وبعد الغضب المثار من الشعوب العربية، صرحت فروع مطعم ماكدونالدز في مصر ودول عربية أخرى في 13 أكتوبر، أنها تعد شركة مصرية بنسبة 100%، وتتخذ حقوق امتياز العلامة التجارية ولا علاقة لها بما يقوم به وكلاء آخرون، كما أنزلت بيان آخر في 15 أكتوبر أعلنت فيه تضامنها مع الأسر الفلسطينية وتبرعها لغزة، وأعلنت العديد من العلامات التجارية والمطاعم تضامنها مع فلسطين في تلك الفترة، تجنبا للمقاطعة.

كما واجهت زارا انتقادات لاذعة بعد نشرها لحملة فوتوغرافية في شهر ديسمبر، تحاكي أحداث الحرب من هدم البيوت والجثث المكفنة، وصلت المعارضة إلى احتجاجات لدى فروعها في الدول الغربية، مما أدى إلى حذفها للصور ونشر بيان على تطبيق الإنستغرام تعتذر فيه للجمهور ووصفت ما حدث بسوء الفهم، وذلك ما يدل على أن الرأي العام المقاطع يهدد الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

خسارة عمالقة الشركات

أحدثت المقاطعة تأثيرا حقيقيا، يتمثل في خسارة الشركات العملاقة التي أعلنت دعمها للاحتلال الإسرائيلي، وازدهار المنتجات المحلية المصرية التي لم نكن نجدها في أرفف الأسواق، فقد خسرت شركة ماكدونالدز للوجبات السريعة نحو 7 مليارات دولار، كما صرح مديرها المالي إيان بوردن في 13 مارس، خلال مؤتمر UBS العالمي للمستهلكين والتجزئة، أن المبيعات ستنخفض في الربع الأول لعام 2024 نتيجة الصراع في الشرق الأوسط، وانخفض سهم ماكدونالدز في نفس اليوم، بأكثر من ٣٪، ما يعتبر أكبر خسارة يومية لماكدونالدز، ووفقا لرويترز، انخفضت المبيعات بنسبة ٧٠٪ في مصر خلال شهر نوفمبر، مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، كما أنها لم تحقق المبيعات المتوقعة من الوول ستريت للربع الرابع من عام 2023.

وأعلن كريس كيمبكزينسكي المدير التنفيذي لماكدونالدز في منشور كتبه على موقع لينكد إن، أن فروع ماكدونالدز في الشرق الأوسط تشهد تأثيرا ملموسا بسبب الحرب، بالإضافة إلى المعلومات المضللة المؤثرة على العلامات التجارية، وذكر أن ماكدونالدز يمثله المالكون المحليون الذين يعملون بلا كلل لخدمة مجتمعهم وموطنهم.

وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي أحمد طلعت: أن بسبب المقاطعة قامت شركة ماكدونالدز بشراء حق امتياز فروعها في دولة الاحتلال، بعد أن صرح الرئيس التنفيذي للشركة أنها تضررت نظرا للمقاطعة في دول الشرق الأوسط، وذلك بعد قيام شركة ألونيال ليميتد والتي تحمل العلامة التجارية لماكدونالدز بالتبرع بوجبات مجانية لجنود الاحتلال.

ورأى مستخدمو وسائل التواصل أن تلك خطوة تستهدف تحسين سمعتها نظرا لتضرر المبيعات، وذلك لا يعني الاستغناء عن مقاطعتها.

كما تواجه ستاربكس الخسارة الأطول في تاريخها، وفقا لتقرير نشرته إيكونوميك تايمز في شهر ديسمبر، خسرت ستاربكس نحو 11 مليار دولار من قيمتها السوقية، كما انخفضت الأسهم بنسبة 8.96%، مما أدى إلى انخفاض مستمر لمدة 12 يوما على التوالي.

تعد شركة ستاربكس الأشهر في قوائم المنتجات المقاطعة، بعد نشر اتحاد عمال ستاربكس تغريدة على موقع تويتر تفيد تضامنه مع الجانب الفلسطيني، مما أدى إلى مقاضاته من قبل شركة ستاربكس، كما لفت التقرير إلى تقليص القوة العاملة لدى فروع ستاربكس في مصر منذ نوفمبر، نظرا للضغوط المالية الناجمة عن آثار المقاطعة.

التسويق بالاعتياد

حفزت المقاطعة طرقا مبتكرة للتسويق لدى الشركات المهددة، حيث قامت شركة كوكاكولا منذ بداية عام 2024، بنشر أكشاك ولافتات تحمل شعارها في الشوارع والجامعات في مصر، وفي هذا الشأن أوضحت خبيرة التسويق إيمان محمد، أن الشركة تقوم باستراتيجية تسويقية تعتمد على الاعتياد، بحيث يعتاد المستهلك رؤيتها، وتلعب تلك الاستراتيجية على نفسيته، لكي تتجنب المقاطعة.

كما أغلقت الشركة في صفحتها الرسمية على فيس بوك إمكانية التفاعل أو التعليق على المنشورات، منعا للهجوم من قبل الجمهور.

انهيار عقدة المستورد

ازدهرت الصناعة المحلية بعد المقاطعة، وأصبحت الشركات تسوق لنفسها بأنها مصرية 100%، بعد أن كانت تلازمنا عقدة الخواجة، وضمان الجودة العالية في المنتج لمجرد أنه مستورد، والشركة المصرية التي نالت نصيبا ضخما من الانتشار نتيجة المقاطعة، هي سبيرو سباتس، حيث تضاعفت مبيعاتها منذ شهر أكتوبر الماضي، وأعلنت استلامها أكثر من 15,000 سيرة ذاتية، نتيجة تنشيط حركة الإنتاج، وذلك ما جعلها تواجه العديد من الشائعات نظرا لعامل المنافسة، حيث انتشر في الأشهر الماضية إشاعة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأنها مملوكة لشركة أجنبية، ما أدى إلى نشر بيان على صفحة الشركة الرسمية على موقع الفيس بوك، صرحت فيه أنها مصرية 100% ولم يتم بيعها لأي شركة أخرى، وأنها مملوكة بالكامل لشركة ميمكو للمشروبات والأغذية، ويتم تعبئتها في شركة منتجات مياه مصر (وابكو).

استغلال التجار للمقاطعة

يعد إقبال الجمهور المصري على شراء المنتجات المصرية فرصة للتجار المستغلة، ولقي ذلك انتقاد لاذع من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث زاد سعر عبوة سبيرو سباتس من 8 إلى 15 جنيه مصري، ما دفع الشركة للتصريح بالسعر الرسمي وهو 8 جنيهات، وأن الشركة غير مسؤولة عمن يبيعها بغير ذلك الثمن، وذلك خلال شهر نوفمبر، ومع استمرار استغلال التجار ورفعهم لأسعار المنتجات المطلوبة، حدثت بيانا آخر في شهر فبراير تحت عنوان (محدش يستغلك) وأن السعر الرسمي هو 10 جنيهات فقط، وتلك الزيادة التي قفزت من 8 إلى 15 جنيها نتيجة استغلال المقاطعة وليس بسبب التضخم، لأن عامل الطلب يعد دافعا قويا لاستغلال التجار، كما أنها زيادة غير رسمية وتوقيتها متوافق مع انتشار المقاطعة.

ومنتج آخر استُغل الإقبال عليه، هو V7 للمشروبات الغازية، حيث كان سعره قبل المقاطعة هو 10 جنيهات، ووصل إلى 15 جنيهًا خلال نوفمبر الماضي، وحاليا قفز سعره إلى 20 جنيها.

وعلق كريم محمد، أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عن ذلك الأمر قائلا: أننا نبحث عن المنتجات المصرية كبديل للمنتجات المقاطعة ولدعم الصناعة المحلية، فقام التجار باستغلال الناس التي تبحث عن مشروب مثل سبيرو سباتس ورفعت سعره إلى 15 جنيهًا، حتى أعلنت الشركة أن السعر الرسمي هو 8 جنيهًا، وأنا متأكد أنه لا يوجد مستهلك اشتراها بهذا الثمن، بالإضافة إلى مشروب V7، حيث يوجد أماكن تبيعه بثلاثة عشر جنيهًا، وأخرى بخمسة عشر جنيهًا، وغيره من المنتجات التي نشتريها ولا نعرف سعرها الرسمي، لذلك أدعو التجار إلى تحكيم الضمير في تسعير المنتجات، والشركات إلى وضع تسعير رسمي، والمسؤولين عن حماية حقوق المستهلك إلى فرض غرامات على التجار الذين يرفعون سعر المنتج عن السعر الرسمي.

Share This Article
Leave a comment